جزيرة جربة في التاريخ


ملاحـــــــــــــظة هذا التقرير مأخوذ بالكامل دون تغير من كتاب جزيرة جربة في موكب التاريخ  للكاتب يوسف بن أمحمد الباروني تحقيق وإعداد :سعيد بن يوسف الباروني  وللمزيد من التعمق في تاريخ هذه الجزيرة المشهورة بسحرها يمكن الاطلاع على هذا الكتاب و معرفة المزيد و ارجو أن يعجبكم هذا المقتطف الذي اخترته لكم و أن يحفزكم للإطلاع على الكتاب الذي أنصح  بقرائته.

تمــــــــــــــــــــــهيد
إن دراسة التاريخ علم قائم بذاته يبحث عن ماضي الشعوب قديما
وحديثا ويعرفنا على حضارات الأمم التي عاشت على أرض هذه الجزيرة
فيطلعنا على عاداتها وتقاليدها وتطور حياتها الاجتماعية والسياسية والدينية
وندرك سر نجاحها في حياتها فنتعظ بالماضي.
فالتاريخ مرآة الشعوب تدرك به الأجيال الجهود الفكرية والعلمية التي بذلها
الأولون.
وقسمت بحثي إلى عنصرين، العنصر الأول التاريخ السياسي والعنصر
الثاني التاريخ الثقافي.
فجزيرة جربة بلاد الأحلام آما يصفها الرومان وجزيرة الجمال من سكنها لذّ
له العيش فيها وترك أرض أجداده وموطنه الأصلي وهي حقيقة جلبت إليها
عشاق الطبيعة فهي بستان جميل وأرض كريمة لمن عرف حقها وعمل على
إحيائها تدر على أهلها خيرات الدنيا ونعيم الآخرة لأنها تريح الروح والبدن فيجد
من يطلب الدنيا ضالته ومن يطلب راحة النفس ورغبة في العبادة الروحية
هوايته.
هذه الجزيرة الواقعة في الجنوب التونسي الرابضة في خليج قابس تشرف
على البحر الأبيض المتوسط الذي نشأت على سواحله جميع الحضارات
الفينيقية والفرعونية والرومانية والإسلامية فتأثر سكان هذه الجزيرة بجميع
الحضارات لأنها كانت لها ارتباطات قديمة بعالم البحار وبها ميناء تجاري هام
في حوض البحر الأبيض المتوسط وهمزة وصل بين إفريقيا السوداء وأوروبا
البيضاء فشعبها ساهم في الحضارات البشرية وصارع الحياة لإثبات شخصيته
تارة في آنف السلم وطورا في نطاق الثبات والصمود أمام آل غاز يريد
استثمار خيراتها وامتلاك أرضها فإذا تتبعت أيها القارئ الكريم حياة الجزيرة
عبر العصور القديمة والمتوسطة تؤمن أن شعبها الكريم يغار عليها ويدافع
عنها ويصمد أمام كل مستبد أقدم عليها من الخارج.
هذه الجزيرة مرت بأحداث وبمحن قاست منها الويلات بسبب موقعها
الجغرافي في حوض البحر الأبيض المتوسط مما جعلها عرضة لمطامع
الظالمين وتزاحم الغاصبين.
فجربة كانت من أقدم الجهات اتصالا بالمدنيات الشرقية والغربية سكنها
اللوبيون والفينيقيون والرومان والعرب والأسبان والأتراك، وتعاقبت هذه الدول
على أرض هذه الجزيرة واحتلتها بالقوة فنشرت سلطتها على من جاورها من
الأقطار واستهوت جربة دهرا طويلا مطامع المستعمرين إلى أن تخلصت من
هذه الشعوب وعادت إلى حضيرة تونس تظفر باستقلالها وتنعم بحريتها.
السكان الأصليون بحربة
المعروف أن الأمازيغ هم السكان الأصليون لشمال إفريقيا وهم أول
من سكن بواديها وحواضرها وهضابها يشتغلون بالفلاحة ولغتهم الأمازيغبة
يكتبون بها وينظمون بها الشعر والعلوم.
إن أول قبيلة بربرية عرفت في جزيرة جربة هي قبيلة " أفار " ولا يزال هذا
الاسم معروفا في الجزيرة إلى اليوم.
أن الرومان أخذوا كلمة أفريكا » ويقول حسن حسني عبد الوهاب
التي أطلقوها على إفريقيا من كلمة أفار البربرية، ثم ظهرت بالجزيرة قبائل
جديدة تنسب إلى قبيلة لماية وزواغة وهوارة ولواتة وكتامة وقد تواردت فصائل
عديدة من هذه القبائل على جربة في القرن الثاني للهجرة في عهد إمامة
أبي الخطاب بطرابلس استوطنتها هذه القبائل نظرا لجودة تربتها واعتدال
مناخها وأمنها لحماية البحر لها فأقبلوا على خدمة الأرض وزراعتها بأنواع
. « الأشجار المثمرة واشتغلوا بتربية الأغنام وصيد الأسماك
ولم يهتم البربر ببناء المدن لأن حياتهم كانت بسيطة يسكنون الخيام
وأكواخا من شجر النخيل وبعض البنايات البسيطة مبنية بالكلس والطين
والحجارة لذلك لم نعثر على أثار تذكر في جربة لمدن بربرية وإنما الموجود
قرى صغيرة ومنازل منتشرة في كامل الجزيرة.
وقد ورد اسم جربة في القاموس المحيط وذكرها قدماء اليونان في
رحلاتهم وأساطيرهم و كانوا يسمونها جزيرة "آكلي اللوتوفاجوقد
تعرض العديد من المؤرخين وقدماء الرحالة من العرب وغيرهم فوصفوا
موقعها ومناخها وتسمية مدنها وصناعتها ونشاط اقتصادها وعادتها
وتقاليد أهلها ولعل أوفى ما وصلنا عنها وصف ابن خلدون الذي يقول:
"سميت جربة على اسم فرقة من قبائل لماية البربرية وأهلها من
قبيلة كتامة ومن بطونها قبيلة سدويكش وصدغيان وسكانها قبائل من
نفزة وهوارة"، أما ما ذهب إليه الأستاذ محمد المرزوقي من أن سبب
تسميتها بجربةبكسر الجيم راجع إلى قبيلة في الجاهلية سكانها
من اليونان كانت تعبد صنما من الذهب بالكنيسة التي بقرب القنطرة
وهي الآن خراب فلما جاءت الفتوحات الإسلامية بشمال إفريقيا رفع
اليونانيون هذا الصنم وحملوه إلى أسبانيا.
جربة في العهد الفينيقي
يقول أمين سلامة في كتابه معجم الأعلام في أساطير اليونان
والرومان
يحكى لنا أسطورة أوليس ورحلته البحرية: "لقد هبت رياح شمالية عاتية
حملتنا إلى هذه الجزيرة بعد تسعة أيام وفي اليوم العاشر حطت بنا السفينة
على شاطئ الجزيرة ونحن في أشد الحاجة إلى الماء والطعام لنتغذى به
فلم نجد سوى زهور تسمى " النبق " فشربت الماء صحبة رجالي وأآلت
النبق ثم أرسلت ثلاثة من رجالي لمعرفة حياة هذه الجزيرة الساحرة التي
يسكنها شعب أمين هادئويقول لقد استقبلنا سكان الجزيرة بكل حفاوة،
ويضيف قائلا لما أآلت من هذه الزهور الحلوة شعرت بجاذبية أنستني أهلي
وذريتي فرفضت العودة إلى مسقط رأسي وفضلت البقاء في هذه الأرض
الطيبة الكريمة.
ويصف أرسطو جربة فيقول " جربة بلد الهواء النقي والنسيم اللطيف
والشمس العذبة صافية الأديم متلألئة في بحر تتموج مياهه اللازوردية على
رمال الشاطئ الذهبية " .
ويقول المؤرخون أول من احتل جزيرة جربة هم سكان جزر بحر "
ايجي " مكثوا فيها ما يزيد عن ثلاثة آلاف سنة، واستمر احتلالها إلى سنة
1600 ق م وأدخلوا خلالها غراسة أشجار الزيتون وصناعة الفخار ثم احتلها
اليونان في القرن الثالث عشر قبل المسيح ونزلوا بسفنهم أرض هذه الجزيرة
واتصلوا بسكانها تجاريا وأطلقوا على هذه الأرض اسم جزيرة " آآلي اللوتس
ثم نزل بها الفينيقيون الذين قدموا من مدينة صور وصيدا من أرض لبنان في
القرن العاشر(ق.موأسسوا بها مصارف ومراكز ومواني تجارية لترويج
بضاعتهم فكانوا يتبادلون مع السكان مختلف السلع التي تحملها سفنهم بين
سواحل قرطاج وليبيا واهتم الفينيقيون بخدمة الأرض وغراسة الأشجار
وزراعة الحبوب وتربية المواشي وفي القرن الثاني قبل المسيح احتلها
الرومان فأخذوا حضارة الفينيقيين.
جربة في العهد الروماني
لما تنبه الرومان إلى أهمية جربة مدة احتلالهم لإفريقية وقضائهم
على دولة قرطاج سنة 146 (ق.منزلت بها أساطيل رومانية وأدخلوا فيها
حضارتهم فأنشأوا فيها ضيعات فلاحيه ومراسي تجارية ومدنا ساحلية ومدنا
داخلية.
لقد ازدهرت جربة في العهد الروماني ازدهارا كبيرا لا تزال بقايا هذه
الآثار العمرانية دالة على ذلك فاعتنى الرومان بالفلاحة وغراسة أشجار
الزيتون والتين والكروم آما اهتموا بصناعة الفخار بجهة قلالة وصناعة الصوف
وأسسوا بها المواني التجارية مثل مرسى ( تبازة ) غربي قرية قلالة وبنوا بها
عدة مدن ما تزال آثارها شاهدة على ذلك وأهم مدن جربة القديمة المدينة
التي تقع على ربوة حومة بني ديغت قرب جامع المدينة من جهة الشمال بها
آثار داموس مدخله في ساحة المسجد في الركن الشمالي الشرقي من
باب المسجد عرضه متران وقد سد بابه عندما وقع إصلاح المسجد خشية
سقوط الأطفال فيه يتجه الداموس من الجنوب إلى الشمال طوله حسب
الآثار الدالة عليه مائتا متر وقد وجدت آثار فرن أو حمام مبني بالآجر أما حصنه
فلم يبق منه شئ يذكر.


أثار مدينة مينانكس


أما مدينة "ميناكس" فتقع على الساحل الجنوبي شرقي القنطرة
توجد بها أثار قصور قديمة وبيوت تحت الأرض وأحواض مائية وحمامات وبها
فساقي طول هذه المدينة من الشرق إلى جهة الغرب نحو آيلو متر ونصف
تقريبا وعندما احتلت فرنسا جربة بنت بها سوقا صغيرا وأجبرت تجار قرية
سدويكش على أن ينقلوا تجارتهم إليها فرفضوا هذا الطلب لبعدها عن
العمران البشري فلم يكتب لها الدوام.
وأخيرا هدمت مصلحة الأشغال العمومية بجربة الواجهة الأمامية
لمدينة ميناآس من جهة الجنوب عند توسيع الطريق سنة 1400 ه 1980 م
فبقي بها سبعة عشر دكانا، ومسكن به ثمانية بيوت مازالت صالحة
للسكنى، كما توجد مقابر رومانية بجانب الطريق الذي يربط القنطرة بقلالة
« هنشير بن مرداس » منحوتة تحت الأرض، وهذا المكان سمي
أما دار هنشير الغولة فيقع في جنوب الجزيرة من حومة بني معقل
شكله مربع مبني بالحجارة الكبيرة أما حصن غرداية فيقع في واحة نخيل
بغابة بني معقل مربع الشكل يبعد عن البحر مسافة 2 كلم، أراضي هذه
الجهة صالحة للفلاحة وزراعة الحبوب والأشجار المثمرة.
أما مدينة السوق القبلي فتقع شرقي جنوب حصن غرداية بها آثار
حصون وبها قبور منحوتة في الحجارة يحدها جنوبا سبخة برج القشتيل
وشمالا حومة بني معقل وبها آثار ميناء على ساحل البحر وآثار مسجد
سمي مسجد القمير الذي تسرب إليه الخراب ويبدو أن هناك آثار مدينة
إسلامية انقرضت فتحول سكانها إلى داخل الجزيرة بسبب الغارات الصليبية
التي تعاقبت على سكان هذه الجهة الذين وقع أسرهم وبيعهم في أسواق
إيطاليا وصقلية.
أما مدينة"تيبازا أو تيفاشا" فتقع على ربوة مرمش غربي حومة
غندري اندثرت آثارها ولم يبق إلا بقايا مسكن مربع به أقواس والراجح أنه بني
من جديد.
أما مدينة "بريجو أو بورقو" فتقع في حومة خزرون شمال طريق
ميدون الجديدة في سهل ممتد به أشجار الزيتون وحولها أراض صالحة
  للفلاحة وبقي منها قبر مبني من الحجارة المنحوتة يرتفع على الأرض أكثر

من ثلاثة أمتار مستطيل الشكل في داخله آثار مقبرة وبه نفق يفتح من جهة
الجنوب طول هذه المدينة كيلو متر تقريبا من الشرق إلى جهة الغرب بها آثار
نفق تحت الأرض يتجه إلى الجنوب حسب الآثار الدالة عليه بجانب الطريق
المعبد.

جربة في عهد الوندال والبيزنطيين
تشير دائرة المعارف الإسلامية أن الوندال قد ورثوا الرومان في
جربة عند احتلالهم إفريقيا ثم قدم البيزنطيون سنة 534 م إلى 642 م
فاحتلوا تراث الرومان واهتموا بالعمران من جديد على غرار من
سبقهملا نعرف شيئا عن حياتهم في جربة إلا ما نعرفه عن حياتهم
العامة في كامل الشمال الإفريقي من ميلهم إلى إنشاء المدن
والهياكل والحصون ومازالت الحفريات لم تعتن لحد الآن بالبحث عن
العمران بجربة في العهد البيزنطي ولا نشك في أن الجزيرة كانت
تعتمد أثناء هذه العصور على الزراعة والتجارة والصناعة وهذه هي
العناصر الثلاثة التي تستمد منها الجزيرة حياتها إلى اليوم بالإضافة
إلى الصيد البحري الذي كان يعيش منه عدد كبير من سكان جربة.
ونستطيع أن نقول إن الزراعة وما تبعها من تربية الحيوانات دخلت
الجزيرة مع دخول السكان الأصليين وإن التجارة بدأت حياتها مع اليونان
والفينيقيين والرومان والبيزنطيين وقد عثر في مدينة " ميناكس " على
(آثار تدل على استعمالهم للألوان والأصباغ في الصناعة(
سبب نزول اليهود إلى جربة
يتحدث المؤرخون عن أرض فلسطين قائلين إنها أرض الميعاد،
أرض مقدسة غادرها بنو إسرائيل تحت ضغط ظروف تاريخية قاسية تشتتوا
في مختلف أصقاع المعمورة والذي جرني إلى الحديث عن اليهود وجود جالية
يهودية استقرت بجزيرة جربة بعد خراب مدينة القدس، خرجت منها جموع
غفيرة تشتتت في أصقاع الدنيا وخاصة في الدول العربية وفي إفريقيا
الشمالية ولجأ الكثير من اليهود إلى جزيرة جربة حيث استقروا بحومة بني
ديغت فشيدوا الحارة الصغيرة خلال  586 ق م وفي حدود سنة  500ق م
أسست بيعة اليهود المعروفة اليوم بالغربية ولما أفل نجم البابليين وتألق
الإيرانيون الفرس أطلقوا سراح اليهود وسمحوا لهم بعد سبعين سنة من
تشتيتهم الأول بالعودة إلى فلسطين وتأسيس دولة لهم فعاد يهود ليبيا
وتونس والجزائر والمغرب إلى مدينة القدس باستثناء يهود جربة الذين وجدوا
في جربة حياة هادئة مطمئنة فطاب لهم العيش فيها فخيروا البقاء بهاوفي
سنة 70 بعد المسيح تحطمت القدس مرة ثانية بأمر "تيتوسالروماني
وأطرد جل سكان فلسطين من ديارهم وكانت الهجرة اليهودية الثانية إلى
أقطار أوروبا والبلدان الإفريقية وقد مكنتهم الظروف من القيام بدعوة دينية
خاصة في القرن الثاني بعد المسيح حيث اعتنقت الكاهنة دين اليهودية
وبخروجهم هذا انمحى كل أثر لليهود بفلسطين للمرة الثالثة وبقي الهيكل
خرابا وأصبحت فلسطين ولاية بيزنطة تأوي اليهود الذين اعتنقوا المسيحية
وليس عددهم بضئيل وفي القرن السابع أشرق نور الإسلام ودخل فلسطين
فاعتنق الكثير من سكانها الإسلام وبعد الفتح الإسلامي بني المسجد
الأقصى ومسجد الصخرةوقد شرف الله المسجد الأقصى بزيارة الرسول
الأعظم صلى الله عليه وسلم فصلى فيه ليلة الإسراء والمعراج(: "سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا
حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " ( سورة الإسراء 1
ومن أقدم العصور نزل اليهود إلى جربة على إثر غزو ملك بابل أرض
فلسطين في القرن السادس قبل الميلاد فوجدوا في هذه الجزيرة الأمن
والاطمئنان والسلام وأقاموا عبادتهم وأعيادهم في بيعتهم فلاقوا الحرية
الدينية آما تمتعوا بحرية الشغل وحرية التجارة وتقاضوا لدى المحاكم
التونسية التي حفظت لهم جميع حقوقهم المدنية وتمتعوا بالإعفاء من
الجندية على أن يدفعوا الجزية على يد عامل الاستخلاص الذي تعينه الدولة
التونسية من اليهودأما أماكن سكناهم فمحصورة بالحارتين الكبيرة والصغيرة
بمقتضى قانون.
ويجتمع يهود جربة في أعيادهم ببيعتهم "الغريبة التي يرجع
تاريخ بنائها إلى 25 قرنا خلت توجد فيها نسخة من التوراة هي من أقدم
النسخ في العالم يقصدها يهود إفريقيا وأوروبا في شهر ماي من كل سنة
تعقد فيها الإحتفالات الدينية و المهرجانات السياسية ليهود البحر الأبيض
المتوسط.
يتعاطى يهود جربة التجارة وعدة مهن حرة وخاصة صناعة الحلي والنجارة
والحدادة والبناء، وفي القديم يتميز اليهود بلباس خاص حتى إن المعز بن
باديس أمر طبيبه بوضع عمامة صفراء على رأسه أما نساؤهم فلم تخضعن
لهذا التميزوفي عهد الإمام المازري أصدر أمرا من الدولة بتمييز ملابس
اليهود حتى يعرف المسلم من اليهودي إن تعيين زي خاص لأهل الذمة
ليس من أصول الدين لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يغير زي يهود
المدينة المنورة
أما حياتهم الدينية فيتجمع يهود الجزيرة حول بيعتهم "الغريبة"
يقصدها الرجال صباحا لأداء صلاة الفجر وبعد الظهر ثم يعودون بعد الغروب
يقضون صلاة عربيت أما الأعياد والمواسم منها السبت فهو يوم مقدس في
الشريعة اليهودية ينقطع اليهود عن العمل فيه ويتفرغون إلى العبادة ولا توقد
فيه نارويحتفلون بعيد رأس السنة العبرية ويستمر يومين الأول والثاني من
شهر أكتوبر وأيضا يوم الغفران وهو يوم العاشر من نفس الشهر وهو يوم
معظم عندهم يصومونه ويتعبدون فيه ، وموسم الحج يقع عندهم في 18
أفريل ورأس السنة الدينية آخر شهر مارس وذكرى سقوط "أورشليموتخريب
الهيكل الثاني يوم حزن وصومويشرف على الاحتفالات لهذه الأعياد
والمواسم رب الأسرة أو أحد الرابيين الذين يقومون بدور الفقيه والمعلم
والواعظ والحاكم والكاتب العدلي والمنتصب للشهادة والذبح عند القصابين
أما الزواج عند اليهود ففرض حتمي آما ينص التلمود بشرط اتحاد
الزوجين في الدين ولا يعقد الزواج عند اليهود في شهر يوليه وللرجل أن يتزوج
أآثر من واحدة وتدفع المرأة المهر للرجل ويلتزم بإرجاعه كاملا إذا طلقها.
الفتح الإسلامي لجزيرة جربة
في عهد معاوية بن أبي سفيان خرجت الدعوة الإسلامية من الجزيرة
العربية إلى القارة الإفريقية فاعتنى المسلمون الأوائل بنشر تعاليم الإسلام
في مصر وبرقة وليبيا وتونس ثم جربة.
دخل الإسلام هذه الجزيرة سنة 47 ه  667 م - 668 معلى يد
الصحابي رويفع بن ثابت الأنصاري ولم يذكر المؤرخون شيئا عن درجة
المقاومة التي وجدها المسلمون من أهلها سوى أنها فتحت عنوة وأن رويفع
جمع السبي والمغانم وقام في الناس خطيبا فقالأيها الناس إني لا أقول
لكم إلا ما سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر قام فينا
خطيبا وقاللا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء
المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر
أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه والذي
نستنتجه أن أهل جربة تقبّلوا الإسلام لما رأوا فيه من سماحة وعدل
ومساواة بين المتساكنين أفضلهم عند الله أتقاهم.
وبقيت جربة تابعة لولاة طرابلس بداية من الفتح ولم تكن تابعة لولاة
القيروان لأنهم في شغل عنها بسبب الفتن والثورات الداخلية وبقيت في
الجزيرة حامية إسلامية تحرس الجزيرة وتعلم الناس الدين الجديدأما بعد
الفتح الإسلامي وطيلة القرن الأول وثلث القرن الثاني للهجرة فأمر تسيير
شؤون الجزيرة يكتنفه الغموض مدة نيف وتسعين سنة.

Commentaires

  1. Ce commentaire a été supprimé par un administrateur du blog.

    RépondreSupprimer

Enregistrer un commentaire

Posts les plus consultés de ce blog

شجرة نسب الجليدات

تونس في الفترة العثمانية